"ميتومانيا" (هوس الأساطير). قصص مستعادة لرجال وأبطال
من إعداد إيفا دلي إنّوشنتي، أنّا كونسونّي، لوكا دي فرانكو، لورِنسو مانشيني
المعرض والفعاليات
معرض “ميتومانيا” (هَوَس الأساطير). قصص مستعادة لرجال وأبطال تعرض تحفا سُرقت من بيئتها الأصلية استرجعتها قيادة درك الكارابينييري المختصة بحماية التراث الثقافي وأعادتها إلى المنطقة الأصلية لذلك الإرث: تحف من خزف أبوليا ذات الرسوم الحمراء التي ازدهرت في إقليم بوليا بين النصف الثاني من القرن الخامس ونهاية القرن الرابع ق.م.، عادت إلى إيطاليا من متاحف وراء البحار حيث كانت قد صُدرت بصورة غير شرعية.
للمرة الأولى يمكن التمتع بها في المتحف الأثري الوطني في تارانتو، المدينة التي شهدت ولادة فن خزف منطقة أبوليا.
استرجاع الآثار:
"السياق المفقود"
ميتومانيا، قصص مستعادة لرجال وأبطال: ليست مجرد معرض حول مسألة حماية الموروث الأثري من خطر التشتت، على أهميته. المعرض محاولة للتعويض عن فقدان البيئة الأصلية للآثار – والتي يستحيل التعويض عنها للأسف – عن طريق إعادة ترسيم سياق القطعة الأثرية من الناحية الثقافية وتناقلها واستخدامها مما يجعلها أكثر من مجرد تحفة رائعة. الانطلاق من “السياق المفقود” وحده كفيل بجعل الرسوم على التحف تقوم بعملية سرد الحكايات. قصص مستعادة لرجال وأبطال تستخدم أسلوب الأساطير، ليس من منطلق “الهوس”، كما جاء في عنوان المعرض بصورة مستفزة، بل كوسيلة لمشاركة القيم وبناء هوية الإغريق والسكان الأصليين.
يضم المعرض ثلاثة أقسام مخصصة على التوالي لاسترجاع “السياق المفقود” عن طريق سرد حكايات رجال (القسم الأول) وأبطال الأساطير (القسم الثاني) المرسومين على الأواني و أنشطة قيادة الكارابينييري لحماية التراث الثقافي (القسم الثالث).
القسم الأول:
خزف أبوليا والأيديولوجية الجنائزية
أكثر من 90 في المئة من أواني أبوليا المعروفة المصدر عثرت في مدن الموتى، بيد أن المقبرة لا تمثل فقط موقع آخِر استخدام لها، إذ إن ميزات تلك الأواني تدل على أنها صُنعت في الأساس لكي تُعرض بمناسبة الطقس الجنائزي وتوضع داخل القبر.
في القسم الأول يجري تحليل العلاقة بين خزف منطقة أبوليا والعالم الجنائزي على مختلف الصعد التي تتجلى فيها، ابتداء من شكل الأواني ووصولا إلى الرسوم التي تحملها. ونرى في هذه الأخيرة شبابا من الجنسين يجلبون التقدمات إلى القبر الممثل بشكل مسلة أو عمود. ونشاهد على الفوهة الحلزونية لكل من الكأسين، المنسوبتين إلى راسم “ساكّوس الأبيض”، القبر وقد تحول شكله المعماري فأصبح أشبه بمعبد (نايسكوس) وفي داخله تمثال جالس يرمز إلى الشخص المتوفي.
إضافة إلى مشهد التقدمات، نرى تمثيلا لعالم الحياة الآخرة ومشاهد أسطورية: فالتأمل بمجمل تلك الرسوم كنص صوري واحد، يمكّننا من خوض أجزاء من حكايات مفقودة ومستعادة: قصص رجال ونساء يواجهون لحظات هامة من حياتهم المجتمعية ومخاوفهم وآمالهم النابعة من المصير المشترك لكل كائن بشري.
القسم الثاني:
الأسطورة والمسرح في خزف أبوليا
كان المسرح يمثل بالنسبة إلى الإغريق تراثا لا ينضب من الصور والحكايات. ومن بين التحف المسترجعة لدى متحف تارانتو الأثري الوطني بعض الأواني المزخرفة برسوم رائعة وفريدة تركز على أحداث ميثولوجية متصلة بعالم المسرح. تلك العلاقة الكثيفة والمتبادلة بين الدراما وزخرفة الأواني موضع جدل من قبل النقاد، وهي جلية في ثلاثة أواني تروي أسطورة أندروميدا وتشمل رسومها لحظتين بمثابة زخرفة واحدة. المعرفة الجزئية لتراجيديا يوريبيديس التي عُرضت سنة 412 ق.م. تتيح فرصة التركيز على التناضح بين عالمين، إذ تستذكر قصة فتاة قُدمت ذبيحة لوحش بحري وأنقذها تدخل البطل بيرسيوس.
آنية “دينوسّ المستديرة والمنسوبة إلى رسّام داريو تقدم الموضوع المسرحي – المرتبط ربما بكوميديا – عبر رسم يسرد حادثة مقتل بوزيريد الملك المصري، الذي كان معتادا تقديم الأجانب العابرين لمملكته ضحايا، على يد البطل المتحضر هرقل.
القسم الثالث:
نشاط قيادة الكارابينييري لحماية الموروث الفني: آثار مستردة في متحف مارتا
Tاحتفلت قيادة سلاح الكارابينييري لحماية الموروث الفني سنة 2019 بالذكرى السنوية الخمسين لبدء نشاطها. القيادة تابعة وظيفيا لوزارة التراث والأنشطة الثقافية بمثابة مكتب يتعاون مباشرة مع الوزير، فتضطلع بمهام مرتبطة بأمن وحماية التراث الثقافي الإيطالي بواسطة الوقاية وقمع كافة انتهاكات قانون حماية التراث كما تشكل قاعدة المعلومات لصالح كافة قوى الشرطة.
الأواني المعروضة استرجعتها إيطاليا عقب عمليات استقصاء دولية معقدة. وأدت التحقيقات التي بدأت في تسعينات القرن الماضي إلى اكتشاف كمية هائلة من الآثار ذات المصدر غير الشرعي كانت مخزنة في مستودعات أو معروضة بعناية في صالات عرض مخصصة للتفاوض بغرض البيع داخل منطقة التجارة الحرة لمرفأ جنوى.
وبالتزامن مع الدعوى القضائية الناجمة عن تلك التحقيقات، قامت وزارة التراث والأنشطة الثقافية بتحرك دبلوماسي، بالتنسيق مع المدعي العام للدولة ووزارة الخارجية، أدى في نهاية الأمر إلى اتفاقيات محددة لاسترجاع القطع من بعض المتاحف الأمريكية التي كانت قد اشترت قطعا أثرية إيطالية المصدر بصورة غير شرعية .
مما يسمح الآن بمشاهدة تلك الكنوز في المنطقة التي أنتجتها وصانتها على مدى القرون.